السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
حيث اقف في مقامي هذا .. هناك امر يحيرني ... هناك صوت يؤرقني
انظر من حولي لارى ملامح متجهمة تكسو الكثير من بني قومي ....
فتساءلت يا هل ترى ماذا يعني هذا ؟
ففكرت وتأملت .. وامعنت النظر .. وتيقنت ...
ان هناك صرخات تفوق اسماعنا على الرغم انها بلا صدى ولا انين يسمع
صرخات تجعل من المرء شئ اخر لا يشبه الانسان .... او تجعله متلاشيا وكل شيء امامه بلون وطعم واحد وكل شيء سواء
انها تلك الصرخات التي تلتهب في الاعماق وعند خروجها تحرق كل ما في طريقها وتلجم الفم فلا تخرج ظاهرة وتبقى تحرق ذلك الجسد حتى يصبح كل ما فيه رماد في رماد
وحينها لا نعرف ما أصاب ذلك المسكين فلم نسمع له صراخ او انين
انها صرخات فوق الموجات الصوتية فلا يمكنك سماعها الا ان اقترنت جميع حواسك معا
امعني يا عيني النظر وحدقي ... واسمعي يا اذني وانصتي ...
و يا قلبي افق ... افق ... افق من سباتك لترى وتسمع متى تكون الصرخات قاتلة
صرخة قاتلة
عندما ترى عظاما تتحرك امام ناظريك لا يغطيها سوى جلد رقيق يكاد ان يفتق من جفافه وتشققه
قد هجرها اللحم بعد ان فرغت اطباقهم من الزاد والماء انهم اصحاب المجاعات
هؤلاء اصحاب صرخة قاتلة تاكلت اجسادهم اثرها ولا يكاد يسمعهم احد
صرخة قاتله
عندما ترى تلك الاشتات هنا وهناك في بقاع الارض تفر من ظلم يلاحقها اينما حلت .. بعد ان اغتصبت اراضيهم وقتل ابنائهم واحبابهم
ينظرون الى العالم اجمع وقد فقدوا امل العودة الى هناء العيش والاستقرار والحلم ان يجمعهم وطن تشرب من دماء ابائهم واجدادهم
هؤلاء اصحاب صرخة قاتلة تفرق شملهم بلا عودة بسبب حروب طاغية ولا يكاد يسمعهم احد
صرخة قاتلة
عندما ترى اولئك الذين يرتعدون خوفا وجزعا ويبحثون عن حجرة مخفية في مكان ما لكي يتمكنوا من السجود لله مخلصين له الدين
في بلاد تشربت وتشبعت الحقد على الاسلام والمسلمين فاولئك افتقدوا الامان والاستقرار وكم يتمنى كل واحد منهم الانضمام الى حشود المصلين
هؤلا اصحاب صرخة قاتلة يفرون بارواحهم النقية بعيدة عن اجسادهم التي حرمت الحرية في ما اعتنقت من دين ولا يكاد يسمعهم احد
صرخة قاتلة
عندما ترى تلك الاجساد المتكدسة في الملاجئ لا تعرف كيف جاءت الى هذه الدنيا فقد حرموا دفء حنان امهاتهم و مداعبة ابائهم
فهم مهما فعلوا ونالوا من مراتب في هذه الدنيا يبقون مجهولي الهوية في نظر انفسهم قبل نظرات الاخرين لهم
هؤلاء اصحاب صرخة قاتلة يرمقون الاخرين بنظرات الغبطة ومسحات من الحزن فمهما فعلوا لن يكونوا كغيرهم ولا يكاد يسمعهم احد
صرخة قاتلة
عندما ترى ذلك الشموخ الكاذب والكلام المعسول المنمق لنساء الغرب اللواتي اكتشفن سخرية حرياتهم المزعومة
تلك النساء اللواتي لا يخلدن الى فراشهن ليلا الا والمقل محترقة من البكاء الدامي على حالهم فبنيتهم النفسية هشة ومهشمة
هؤلاء اصحاب صرخة قاتلة تسعى ارواحهن الى الراحة والامان وبعض من الاحترام ولا يكاد يسمعهم احد
صرخة قاتلة
عندما ترى تلك الاجساد ... والله ليست اجسادا انما هي مجرد ظلال محصورة داخل جدران سجون الاعداء
نسي اصحابها ان كان لهم صديق او قريب فخلانهم ليسوا سوى سقف وقضبان و شوق لتعذيب يحاكي اجسادهم وارواحهم كل يوم نوع جديد
هؤلاء اصحاب صرخة قاتلة معظمهم اصبح طي النسيان فلا هو مع الاموات ولا الاحياء ولا يكاد يسمعهم احد
هذه صرخات من بين صرخات شتى بالكاد نسمع اصواتها لان صرخاتها تفوق مستوى سماعنا نحن البشر.